كتبت جيسيكا إلجوت أن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ يستعد لزيارة لندن يومي الأربعاء والخميس المقبلين، في توقيت مثير للجدل بينما تقترب الحكومة البريطانية من الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتوضح الكاتبة أن وصول هرتسوغ يضع الحكومة البريطانية أمام معضلة سياسية، خصوصًا مع تصاعد أصوات نواب حزب العمال المطالبين بعدم عقد أي لقاءات رسمية مع الوفد الإسرائيلي.

وأشارت صحيفة الجارديان إلى أن هذه الزيارة ستكون الأولى لمسؤول إسرائيلي رفيع المستوى إلى بريطانيا منذ لقاء وزير الخارجية ديفيد لامي بنظيره جدعون ساعر في زيارة غير معلنة خلال الربيع الماضي. ورغم أن العادة الدبلوماسية تقضي بأن يجتمع ضيف بهذا المستوى مع كبار الوزراء، إلا أن أي لقاء محتمل بين هرتسوغ ورئيس الوزراء كير ستارمر قد يثير أزمة داخل حزب العمال، بسبب استمرار الهجوم الإسرائيلي على غزة.

وأكدت مصادر في داوننج ستريت أن جدول اللقاءات لم يُحسم بعد، بينما دعا نواب بارزون الحكومة إلى تفادي الاجتماع بالرئيس الإسرائيلي، معتبرين أن ذلك سيبعث برسالة غامضة حول موقف بريطانيا من الحرب على غزة. النائبة العمالية ورئيسة لجنة التنمية الدولية سارة تشامبيون كتبت على منصة "إكس" أنها تأمل أن يكون الخبر غير صحيح، قائلة: "بريطانيا أقرت بوجود خطر حقيقي للإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال، فإذا لم يكن اللقاء مخصصًا للسلام، فما الرسالة التي نوجهها؟".

وانتقد وزير المالية الأسبق جون ماكدونال قرار السماح لهرتسوغ بدخول البلاد قائلاً: "أشعر بالاشمئزاز من استقبال ممثل لحكومة تقتل الأطفال الفلسطينيين يوميًا". وأضاف أن رئيس الوزراء يتجاهل معاناة الفلسطينيين ومشاعر الغضب لدى البريطانيين إزاء ما وصفه بوحشية الحكومة الإسرائيلية.

بدوره دعا النائب العمالي كليف لويس ستارمر إلى أقصى درجات الحذر، مؤكدًا أن "الحوار أمر مهم، لكن أحيانًا يكون مجرد اللقاء بحد ذاته بيانًا سياسيًا". وأوضح أن تصريحات هرتسوغ حول تحميل جميع سكان غزة مسؤولية هجوم حماس عام 2023 ساهمت في شرعنة العقاب الجماعي، وهو ما اعتبره خبراء قانونيون تهديدًا صريحًا لمبادئ اتفاقية منع الإبادة الجماعية.

من جهة أخرى، شددت النائبة إميلي ثورنبري، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية، على ضرورة إبقاء قنوات الحوار مفتوحة مع هرتسوغ رغم خلافها العميق مع الحكومة الإسرائيلية. وأكدت أن "السؤال الحقيقي هو كيف ترى إسرائيل نفسها بعد عشر سنوات، وما مستقبل الفلسطينيين في القدس الشرقية والضفة وغزة؟ إذا لم يكن هناك بديل معقول، فلا بد من قيام دولة فلسطينية". لكنها أضافت أن أي حوار يجب أن يكون صريحًا بلا مجاملة.

ولفتت الصحيفة إلى أن داوننج ستريت أوضح سابقًا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يواجه الاعتقال إذا زار بريطانيا بعد صدور مذكرة توقيف دولية بحقه بسبب جرائم حرب مزعومة في غزة. أما هرتسوغ، فرغم أن منصبه أقرب إلى الرمزي وينتمي إلى حزب مختلف عن حزب نتنياهو، فإنه دعم بشكل عام الحملة العسكرية على القطاع.

وحصلت تصريحات هرتسوغ الشهيرة على اهتمام واسع حين قال إن جميع الفلسطينيين في غزة يتحملون المسؤولية عن هجوم 7 أكتوبر. المحكمة الدولية في لاهاي استشهدت بتلك التصريحات في قرارها الصادر في يناير 2024 الذي أكد أن الفلسطينيين معرضون لخطر إبادة جماعية وطلب من إسرائيل اتخاذ إجراءات فورية لحماية السكان. هرتسوغ اعتبر لاحقًا أن المحكمة اقتطعت كلامه بشكل مجحف.

وأشارت الكاتبة إلى أن ستارمر التقى هرتسوغ آخر مرة في باريس قبل أكثر من عام، حيث تحدث عن "الصداقة التاريخية" بين بريطانيا وإسرائيل وأكد دعم بلاده لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. غير أن مواقفه تطورت منذ ذلك الحين، إذ بات أكثر انتقادًا للعمليات العسكرية التي أوقعت أكثر من 65 ألف قتيل في غزة، وفق وزارة الصحة في القطاع.

واتخذت الحكومة البريطانية خطوات محدودة، بينها فرض عقوبات على وزيريْن إسرائيليين متشددين، فيما أعلن ستارمر بالاشتراك مع فرنسا خطة للاعتراف بدولة فلسطين خلال سبتمبر الجاري. ومع ذلك، ما زال كثير من نواب حزب العمال يرون أن هذه الإجراءات غير كافية لوقف معاناة الفلسطينيين.

في السياق ذاته، أعلن زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار إد ديفي الأسبوع الماضي مقاطعته مأدبة عشاء رسمية سيقيمها الملك تشارلز خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى بريطانيا، احتجاجًا على موقف واشنطن المتراخي تجاه الحرب على غزة.

بهذا تضع زيارة هرتسوغ الحكومة البريطانية في قلب جدل داخلي محتدم: بين ضغوط المطالبين بعزل إسرائيل دبلوماسيًا، ورغبة لندن في الحفاظ على قنوات اتصال مع القيادة الإسرائيلية وسط خطواتها المنتظرة للاعتراف بدولة فلسطين.

https://www.theguardian.com/politics/2025/sep/04/israel-president-visit-london-talks-ministers-isaac-herzog